العادة السرية موضوع خطير يشغل بال كثيرين من حيث محاور كثيرة أهمها وجهته الدينية، ورأي الأديان في مشروعيته من عدمها وكونه حلالًا أم حرامًا، وهل يتفق أخلاقيا أن يمارسه الإنسان؟ وآثار هذا الفعل من الناحية النفسية على الإنسان، هل هذا يؤسس فيه لاكتئاب وحالة ما من الضنق وعدم الرضا على الذات، أم هو متنفس ما يتم من خلاله تنفيس طاقة زائدة؟ هل بالكف عن العادة السرية يزداد خطر الوقوع في أشياء عظيمة من حيث الحرمة؟! كما شاع عن العادة السرية كثير من اللغط والنقاش حول مدى الضرر البالغ الذي يقع على أولئك الممارسون لها، كما شغلت هذه العادة بال كثيرين من ناحية كونها صحية أم لا، ونحن هنا من خلال هذا التقرير الاستقصائي نحاول أن نقدم لكم كل ما تحتاجون إليه من معلومات وآراء ومناقشات اجتماعية و أخلاقية شملت هذا الموضوع وتفرعت عنه.
ما هي العادة السرية ؟
علميًا هي عملية استثارة متعمدة تحدث في الثدييات بعمومها حيث تتم عن طريق استثارة الجهاز التناسلي لدى الذكر أو الأنثى؛ وذلك من أجل الوصول إلى حالة ما من النشوة الجنسية، ويقترن هذا الفعل بالعديد من العادات السيئة واللا أخلاقية كقراءة أو مشاهدة مواد ما إباحية، وهذا الفعل بالذات هو الأساس الذي ارتكزت عليه الآراء الدينية المحرمة لـ لعادة السرية بعمومها، تكثر هذه العادة لدى فئة الشباب غير المتزوجين، حيث تظهر كسبيل لتعويض ذلك النقص الذي ينشأ عن عدم توفر شريك ما في الحياة، وتعبر هذه العادة عن كثير من الضغط النفسي الذي يتعرض له الممارس لها، من ناحية أحداث جنسية ما تحسه على ذلك، أو حرمان وما إلى ذلك من أمور تمس طبيعته الجنسية بشكل مباشر.
آثارها الصحية
انتشرت خلال فترات كثيرة سابقة خصوصًا بالنسبة للمحتوى العربي على الإنترنت مواضيع كثيرة تتحدث فقط عن مدى الضرر الذي يلحق بأولئك الممارسون لتلك العادة، ووصمتها كثير من التقارير بالسوء والتسبب في عديد من الأمراض الخطيرة ومن هذا المنطلق تتبع البعض هذا الأمر بالتعليق على ضرورة الانسحاب من تلك العادة والامتناع عنها نهائيًا وذلك تجنبًا لتلك الأضرار التي سردوها، لكن مع كثرة الإطلاع على أبحاث عالمية موثقة حيادية وعلمية ولا تستند إلا للحقائق تبين خطأ كثيرة من الأضرار التي تلاحق هذا العادة، وتبين كذلك أنها بالعكس لها كثير من الفوائد، وأن الأضرار في النهاية محصورة في كثرة فعلها أو الإقبال المفرط على ممارستها، ونحن هنا لا ندعو لها بقدر ما نريد أن نوضح الأمور من كافة الزوايا، ثم بعد ذلك تنطلق كإنسان راشد وعاقل نحو ما تختاره لذاتك.
فوائد العادة السرية
الإكثار من أي شيء أو الإفراط فيه هو بمثابة ضرر أكيد تضيفه إلى ذاتك، فكما يقولون “إذا زاد أمر ما عن حده انقلب لضده” لذا فلكل شيء جانب ما جيد وآخر سيء، ومن هذا المنطلق واستنادًا لكثير من التقارير العلمية فإن العادة السرية أو عملية الاستمناء بالنسبة للإنسان هي أمر طبيعي، تساهم طبيعته الفسيولوجية في دفعه إلى هذا الأمر.
وذلك حال تناقص مساحته الجنسية الطبيعية التي يمكن أن يؤدي فيها طاقته بشكلها المعتاد، لذا فإن كبت الطاقة الزائدة في الجسم من شأنه أن يؤدي بالإنسان إلى حالات شديدة من الاكتئاب، بينما تنفيس الطاقة عبر مساحات الجنس المباحة أو عبر الاستمناء إن لزم الأمر صارف للاكتئاب ومقرب للإنسان من حالة نفسية جيدة يحتاجها، كما أثبتت كثير من التقارير أن أولئك الذين يمارسون العادة السرية من 4 إلى 5 مرات أسبوعيا وذلك في الفترة العمرية من 20 إلى 40 تنخفض لديهم فرص أو احتمالية الإصابة بسرطان البروستاتا، بالتأكيد نحن هنا نتكلم عن الذكور، كما تساهم العادة السرية أو الاستمناء في خفض تدفق الدم في الجسم وبالتالي الأمر مفيد نوعًا ما لمن يعانون ضغط دم مرتفع.
أضرار العادة السرية
المبالغة في العادة السرية والإفراط في فعلها، مؤدي في الأخير إلى أضرار لصيقة الصلة بالعملية الجنسية وذلك كسرعة القذف، والضعف العام ونقصان الجهد، كما أنها مضرة لأولئك الذين يعانون من ضغط دم منخفض، حيث تؤدي إلى خفض مضاف مما يترتب عليه أضرار صحية بالغة، كما تؤدي العادة السرية في بعض الأحيان إلى الاحتقان وغير ذلك من أضرار ربما نفسية كذلك تتلو مباشرة تلك العملية وذلك بسبب المرجعية الدينية للإنسان والإحساس بالذنب كذلك.
رأى الأديان
يتفق الدين الإسلامي مع المسيحي في أن هناك درجات من البر والتقوى، أعظمها هي إتقاء الصغائر، وأقلها تجنب الكبائر، فالنظر إلى امرأة ما أجنبية بدافع الاشتهاء هو في نظر الدينين زنا بالعين، لذلك تدعو الديانتين إلى محاولة تجنب تلك العادة التي ترتبط في الغالب بمشاهدة محرم.
الخطاب الدعوي الإسلامي في فترات سابقة عنّف كثيرًا ذلك الفعل وبالغ في تعداد أضراره التي ربما لا وجود لها، وذلك من أجل نهي الشباب عن الإقبال على تلك العادة، غير أنه لم يرد في الدين الإسلامي نص صريح يحرمها، لكن في إطار متسق نصح الإسلام شبابه الغير قادرين على الزواج بالصيام، ففيه ما يرجونه من هدوء ووقار وتنفيس للطاقة، ومن ثم لا تفكير كثير في مثل هذه أمور، وإنما التفكير في الغالب يكون منصب على أشياء أهم في هذه الحياة.
الناحية الأخلاقية
من الناحية الأخلاقية خصوصًا في عالمنا العربي تبرز العادة السرية كشيء مشين يجب توقيه وعدم الإعلان عنه، ونلاحظ هذا جيدًا في التسمية “العادة السرية” أي التي لا يجب لأحد أن يطلع عليها، وبالفعل الأمر يتخلله كثير من الأشياء السيئة التي يجب تجنبها كالمواد الإباحية والتي تعتبر المثير الرئيس لهذا الموضوع، وهذا بالتأكيد من المحرمات التي يواجهها الدين بكل حزم، فرغم كونها ذنوب صغيرة وليست بالكبائر إلا أنها تعتبر تمهيدًا أمثل لمثل هذه ذنوب.
ونحن في هذا الإطار يجب أن نعلم أن العادة السرية أو الاستمناء شيء طبيعي فطري في الإنسان؛ لذا لا يجب عليه أبدًا أن يحلد ذاته، أو أن يشعر أن ذنبه هذا لا يضاهيه ذنب، هون عليك يا صديقي، واعلم أن الأمر ليس بالجريمة البشعة التي يصورها لك الدعاة المتشددين، بل هو أمر طبيعي أحيانا لا نملك أمامه سوى الاستسلام، الأهم من كل شيء هو أن نثوب إلى الله ونتوب إليه من كل ذنب نقع فيه، لا تكدر حياتك واعلم أن العادة السرية في الأخير ليست بكبيرة تضاهي مثلا كبيرة الزنا، بل هي أهون بكثير وكثير، بل إن بعض الفقهاء قال بأن الإنسان إذا وصل لحد لا يطاق من الاشتهاء وخاف على نفسه الزنا فليفعل ذلك الأمر تخفيفا عليه وتجنيبا له من الوقوع في كبيرة الزنا. لمتابعة مزيد من المواضيع التي تهمك صحتك فقط اضعط هنا.
خلقنا لتقاوم، لذا لا تدع لنفسك الفرصة كاملة كي توجهك صوب ما تريد، بل وجهها أنت صوب ما تريد هي، اقتصر وخفف وتدرج في البعد، فإن وقعت في تلك العادة فقم من جديد وقاوم وثابر واطلب من ربك المغفرة واسأله تعالى أن يمن عليك بالعفة ويهيأ لك ما يصونك عن تلك العادة السرية.