امراض القلب هي أحد أوبئة العصر الحديث الغير معدية نظرًا لانتشارها الكبير وتأثيرها على حياة ملايين البشر في مختلف أنحاء العالم. امراض القلب -بحسب تقرير الجمعية الأمريكية لامراض القلب- هي السبب الأول للوفاة على مستوى العالم حيث تسببت في 17.3مليون وفاة في 190 دولة عام 2015 وحده، ناهيك عن ملايين البشر الذين يعانون من مضاعفات امراض القلب ويخضعون لجراحات خطيرة في محاولة لتقليل حجم الخسائر وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
إذا ألقينا نظرة على أسباب الإصابة بامراض القلب فسيمكننا تفهم سبب الانتشار الكبير لامراض القلب في العصر الحديث، بعاداته الصحية الخاطئة التي تضع ضغوطًا كبيرة على صحة القلب.
لماذا نُصاب بامراض القلب؟
هناك العديد من العوامل التي تساهم في رفع احتمالية الإصابة بامراض القلب، أهمها:
السن:
يؤدي التقدم في العمر إلى تغييرات مرضية فى القلب ينتج عنها ضيق الشرايين المغذية له وضعف عضلة القلب.
الجنس:
الرجال أكثر عرضة للإصابة بامراض القلب بشكل عام، ربما لارتفاع نسبة المدخنين بين الرجال، أو للتأثير الوقائي لهرمون الأنوثة (الإستروجين)، ولذلك تزداد نسبة امراض القلب في السيدات بعد سن انقطاع الطمث.
التدخين:
التدخين هو آفة العصر والمسبب الأول للعديد من الأمراض القاتلة وأولها بكل تأكيد امراض القلب. تحتوي السيجارة على أكثر من 50 مادة ضارة منها النيكوتين الذي يؤدي لانقباض الأوعية الدموية ورفع ضغط الدم، وأول أكسيد الكربون الذي يسبب تلف الطبقة المبطنة للشرايين.
ارتفاع ضغط الدم:
ارتفاع ضغط الدم وامراض القلب توأم لا يفترق. الإهمال في علاج ضغط الدم المرتفع يزيد الحِمل على القلب الذي يتضخم ويضعف بمرور الوقت، ولا يكتشف المريض هذه المشكلة عادة إلا في المراحل المتأخرة.
ارتفاع نسبة الكوليسترول:
كلنا نعرف أن الأطعمة الدهنية والمقليات هي الطعام الأساسي في العصر الحديث. مع انتشار ثقافة الوجبات السريعة وتخلّي الناس عن الحميات الغذائية الصحية التي تشمل الخضروات والفاكهة تزايدت امراض القلب بشكل كبير. يترسب الكوليسترول منخفض الكثافة الموجود في الأطعمة الدهنية في الشرايين، ويؤدي لتكون الجلطات التي تعد النوع الأكثر انتشارًا من امراض القلب.
مرض السكر والسمنة:
وكلاهما يتسبب في امراض القلب عن طريق رفع نسبة الكوليسترول في الدم.
الضغط العصبي:
يرفع القلق والضغط العصبي ضغط الدم، ويُعد أحد أهم أسباب امراض القلب التي لا يلتفت إليها الكثيرون.
التاريخ المرضي:
يلعب العامل الوراثي دوؤًا هامًا عند بعض العائلات التي يصاب يكون أفرادها في خطر أكبر للإصابة بأحد امراض القلب نظرًا لوجود جين مرضي متوارث.
ما هي أعراض امراض القلب؟
حينما نتحدث عن امراض القلب فماذا نعني بالضبط؟ امراض القلب مصطلح واسع يشمل أي مرض يؤثر على أحد أجزاء القلب ويعطل وظيفته بدءًا من أمراض الشرايين وضعف عضلة القلب ومشاكل صمامات القلب والتهابات الأغشية المبطنة للقلب وغيرها.
أشهر الأعراض التي تكشف عن احتمال وجود مشكلة بالقلب هي:
- آلام الصدر: والتي تعد العرض الأشهر للإصابة بالجلطات القلبية. أحيانًا تكون آلام الجلطات غير تقليدية فتظهر في صورة ألم في الكتف أو الفك ما يصعّب التشخيص على الطبيب المعالج.
- ضيق في التنفس أو دوار ودوخة.
- الخفقان: أي وعي المريض بضربات قلبه السريعة التي أحيانًا ما تكون غير منتظمة.
- تورّم في القدمين أو استسقاء في البطن: علامة على فشل القلب وهي مرحلة متأخّرة من المرض.
كيف أحمي نفسي من خطر امراض القلب؟
التوصل للطريقة المثلى للوقاية من امراض القلب هي الكأس المقدسة التي يبحث عنها العديد من الباحثين في جميع أنحاء العالم. يبدو أن الأمر ليس بهذه البساطة، فما من طريقة واحدة يمكن أن تجعل الناس بمأمن من الإصابة بأحد امراض القلب الشائعة، ولا بد من تضافر جميع العوامل لتحافظ على صحتك وسلامة قلبك.
تشمل طرق الوقاية من امراض القلب شقين رئيسيين: الطرق الدوائية التي تتعلق بعلاج المسببات الرئيسية لامراض القلب، وتغيير نمط الحياة الغير صحي والذي يعد السبب الأساسي في الإصابة.
الإقلاع عن التدخين
السيدات اللائي يدخنّ أو يتناولنّ حبوب منع الحمل في خطر أكبر للإصابة بامراض القلب والجلطات. هكذا إذا كنت تقومين بالاثنين معًا فأنت في خطر مضاعف بكل تاكيد.
وكما تحدثنا عن أضرار التدخين على صحة القلب نناقش الجانب المشرق من الموضوع. فالفرصة ما زالت موجودة لتحمي قلبك حتى لو كنتي من المدخنين. فقد وجد باحثون أن التوقف عن التدخين يخفض فرصتك للإصابة بامراض القلب بشكل درامي بعد سنة من التوقف، كما تعود حالة قلبك بعد 15 عامًا إلى حالته قبل التدخين بشكل كامل. فمهما تكن المدة، ستحصلين على الفوائد بمجرد الإقلاع.
ممارسة الرياضة
الفوائد الصحية لممارسة الرياضة بانتظام لا تُعدّ ولا تحصى. فالتمرين لـ 30 دقيقة يوميًا يضع صحة قلبك على الطريق السليم ويحميك من خطر الضغط المرتفع وتصلب الشرايين. وحتى إذا لم تستطع الحفاظ على هذا المعدل، مجرد الحركة المستمرة أو المشي لمدة 20 دقيقة قد يساعد في رفع معدل حرق الدهون ومنع تكون الجلطات.
تناول طعام صحي
نعرف أن المعدة بيت الدواء لكنها قد تكون أيضًا مفتاح الدواء. الحمية المثالية للوقاية من امراض القلب يجب أن تعتمد بشكل أساسي على الخضروات والفاكهة التي تحتوي على فيتامينات ومعادن ضرورية، وكميات متوسطة من النشويات، وكميات قليلة من الدهون المشبعة الموجودة في اللحوم والسمن والزيوت ومنتجات الألبان، واستبدالها بالدهون النباتية مثل زيت الزيتون.
ينصح بالتقليل من السكر المصنع الذي يحوله الجسم إلى دهون تترسب في جدران الشرايين، واستبداله بالسكر الطبيعي الموجود في الفاكهة. كما تحمل الحبوب الكاملة نسبة عالية من البروتين قد تغني عن اللحوم الحمراء.
كما يحمل التمر فوائد عظيمة لصحة القلب نناقشها في هذا المقال.
التخلص من الوزن الزائد
يمثل الوزن الزائد عبئًا على كل أعضاء الجسم ويساهم في صعوبة علاج امراض القلب. التخلص من الوزن الزائد يقلل نسبة الكوليسترول في الدم، كما يساعد على التحكم في ضغط الدم المرتفع والسكر، كما يجعلك أكثر قدرة على الحركة وممارسة الرياضة الهامة لصحة قلبك.
الحصول على قسط وافر من النوم
يسمح النوم لخلايا وأعضاء الجسم بالتقاط الأنفاس والعمل على إعادة تجديد نفسها، كما تقل ضربات القلب ما يقلل من المجهود الذي يبذله القلب. ثبت أن الحرمان من النوم قد يكون من أسباب الإصابة بامراض القلب، حيث يؤدي لارتفاع ضغط الدم والسمنة والتوتر العصبي.
يجب أن تكون أولويتك الحصول على 7-9 ساعات من النوم الهاديء كل يوم لتقي نفسك من امراض القلب.
تخلص من التوتر
أنصحك باللجوء لكل الوسائل الطبيعية والدوائية للتخلص من التوتر والضغط العصبي، لأنه ليس فقط مسبب لامراض القلب، بل لمعظم الأمراض الخطيرة التي تهدد صحتك.
عالج الأسباب
هناك ثقافة نعاني من غيابها في مجتمعاتنا ألا وهي ثقافة الكشوف الدورية للاطمئنان على الصحة. عليك بإجراء كشوف وتحاليل معملية دورية كل فترة لتشخيص عن أي مشكلة صحية مسبقًا. إذا اكتشفت ارتفاع ضغط دمك أو السكر أو الكوليسترول فعليك بالتحكم فيها لتقي نفسك من المضاعفات التي لا تقتصر بحال على امراض القلب.
وتظل عملية الوقاية من امراض القلب تعتمد بشكل أساسي على إرادة الفرد ورغبته في عيش حياة صحية خالية من الأمراض، كما تخضع لقدرته على الانتظام في ممارسة عادات صحية سليمة في الطعام وممارسة الرياضة. لكن مهما يكن الثمن، فماذا هناك أغلى من صحة قلبك؟!